الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

حقوق الحيوان

 

حقوق الحيوان هي فكرة قديمة نادت بها معظم الشرائع ولقد تم التفكير فيها في العصر الحديث من منطلق «انساني» صرف. وهي ببساطة وبعمومية شديدة مجمل الشروط الواجب توافرها لضمان حياة وموت كريمين للحيوان. ومثل تلك الشروط تنادي بالطبع أن نرفع الأذى والتعذيب عن الحيوانات. 

ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأسباب الإنسانية التي تدعونا للحفاظ على حقوق الحيوانات هذه وعلى أداء واجبنا تجاهها فهناك الكثير منا ممن يمتلكون حيوانات وهؤلاء لهم حقوق ملكية يجب الاعتراف بها. الكثير منا أيضاً يشعر بالعطف على الحيوان وقد يتأثرون لدى رؤيتهم لأي تعذيب قد يتعرض له. علاوة على ذلك، إن التعامل غير الأخلاقي مع الحيوان يؤثر سلباً على شخصية من يقوم بمثل هذا التصرف المشين حيث ان هذه الأفعال تورث قسوة القلب وتجعلنا متبلدي الشعور تجاه أي معاناة إنسانية سواء كانت من قبل الحيوان أو الإنسان.أما الحقيقة الواقعية «المرة» التي نواجهها كل يوم فهي أن معظمنا يحب الحيوانات ويكنّ لها الكثير من الاعتزاز. فمن منا لا يملك عصفوراً أو كلباً أو سلحفاة أو أسماكاً في بيته، حيث يعيش مع أولاده؟ والإساءة للحيوان تتناقض مع هذا الاحترام والحب.
 

إن الممارسات اللاأخلاقية بالاعتداء على الحيوانات تأتي معظم الأوقات من أناس فقدوا أخلاقياتهم بالاعتداء على الإنسان.
وتوجد حالات غريبة من التعذيب والوحشية للحيوان، ويستطيع المرء أن يشهد هذه الحالات عند زيارته لأية عيادة بيطرية  وينشأ ذلك في الغالب نتيجة لجهل المربين باحتياجات وطبيعة حيواناتهم. إن حالات التجويع التي تحول الحيوان لهيكل عظمي أو تعرض الحيوان للإصابة بأمراض ناجمة عن بيئة غير صحية هو أمر يومي يحكيه لك البيطريون ، والصيد بطريقة عشوائية حتى في المناطق «المحمية» من قبل الحكومة، ففلسفة هذا النوع من الصيد معروفة لهؤلاء الصيادين: أقتل أي شيء يتحرك، كما أن الإهمال: يؤدي أيضاً للاعتداء بوحشية على الحيوانات وذلك عن طريق التغذية غير الملائمة، وعدم توافر المكان الصحي لنمو هذه الحيوانات كوجودها في درجة حرارة تعلو عن الخمسين درجة مئوية. والحيوانات الضالة: عددها كبير جداً من القطط والكلاب الضالة، أما طرق مكافحة هذه الحيوانات فهي طريقة غير إنسانية أيضاً حيث يتم وضع السم لهما أو رميها بالرصاص، وحدائق الحيوان: تمتلئ بأشكال مختلفة للقسوة في التعامل مع الحيوان، وأول هذه الأشكال هو الحجم غير المناسب للأقفاص والذي لا يأخذ في الاعتبار حجم الحيوانات، كما أنه لا تقوم هذه الحيوانات بأي عمل أو نشاط ما يؤدي لظهور حالات عديدة من السلوكيات غير الطبيعية لهذا النوع أو ذاك من الحيوانات، وعروض الحيوانات والسيرك من الاعتداءات ايضاً حيث سمحت الجهات المختصة لبعض الأفراد أن ينشئوا أماكن خاصة لعرض الحيوانات بغرض الترفيه، أما عن الاعتداء على حقوق الحيوان في هذه الأماكن فهو فضيحة يعلم بها القريب والبعيد، بالاضافة الى استيراد الحيوانات المهددة بالانقراض: مثل القردة، الأورانجوتان، النمور وحيوانات أخرى.

وما الحل في رأيك؟

علينا البدء بالقيام بثورة جذرية في طريقة التعامل مع الحيوان فهو مخلوق أوجده الله على هذه الأرض كي يتمتع بخيراتها، وهو في هذا متساو مع الإنسان: قال تعالى (والأرض بعد ذلك دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها، متاعاً لكم ولأنعامكم ). 

والآيات والأحاديث التي تتحدث عن حقوق الحيوان كثيرة
. إن دم الحيوان حرام وتلك هي القاعدة في الإسلام إلا ما أحل الله ذبحه لأكله وقتله لأذيته.
فلنأخذ من ديننا الحنيف دعامة رئيسة لهذه الثورة التي نحتاجها في التعامل مع الحيوان فهي موجودات تسكن الأرض ولها الحق في المأكل والمشرب والصحة وأن موتها بيد الله وحده وهي في كل هذا لها حقوق تماثل حقوق الإنسان التي نعرفها جميعا، إن الله لم يكلف الحيوان وذلك لسبب واحد وهو غياب العقل، وفيما عدا ذلك فله حقوق الإنسان لا تنقص شيئاً (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون) كالإنسان: تحيا هذه الحيوانات ثم تموت ثم تبعث ثم تحشر،

سن القوانين

من ناحية أخرى أرى ضرورة تأسيس منظمة تطوعية للرفق بالحيوان لزيادة الوعي لدى المجتمع بحقوق الحيوان والقيام بفضح كل التعديات على حقوقها، فعلى الرغم من دعوة الإسلام للرفق بتلك المخلوقات لايزال هناك جهل كبير في ثقافتنا حول هذه الحقوق وأسباب وجودها. ينبغي أن يكون هناك أيضا دور لوزارة التربية والتعليم فإن أحسن الطرق لزيادة الوعي بحقوق الحيوان هي البداية بالمدارس، فعن طريق الحملات التوعوية والرحلات الميدانية نستطيع تأسيس جيل قادر على الشعور بحاجات تلك الحيوانات وواجبنا تجاهها، فهل هناك من طريق أفضل لزرع الرحمة في قلوب البشر تجاه الحيوان سوى البدء بتأسيسها لدى الاطفال الصغار؟

أما الموضوع الأهم في هذا الشأن فهو أننا بحاجة للكثير من القواعد الإرشادية والقوانين المتعلقة بالتعامل مع الحيوان،


هل الحديث عن هذا الوعي يعتبر من الترف وهو بالتالي بعيد عن هموم المجتمع؟

كتب «شوبنهاور» «إن القول بعدم وجود حقوق الحيوان والقول إن معاملتنا له ليس لها أي أهمية أخلاقية، إن هو إلا مثل صارخ لعجرفة وبربرية الإنسان». ليست المطالبة بحقوق الحيوان ترفاً بل توسيعاً لمعاني الرحمة والشفقة لتشمل فئة تعيش بيننا. وتبقى المشكلة الأساسية التي نواجهها هي أنه في اللحظة التي نعترف فيها بكينونة ووجود هذا الكائن وقدرته على التألم فإنه يجب أن نؤدي له حقوقه فهو يدخل ضمن المحيط الأخلاقي الذي ينبغي احترام كل أعضائه. فكما نشعر بالألم لدى مشاهدة طفل فقد أمه فإنه علينا التألم لمنظر كلب رضيع لا تستطيع أمه إرضاعه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق